جغرافيون وبيطريون: «مسلكان» لدخول الطاعون من ليبيا إلى مصر.. والفئران والقطط والأرانب الجبلية أكثر ناقلات المرض
الأحد, 21 يونيو 2009 11:00
أكد علماء جغرافيا وبيطريون أن الحدود المصرية - الليبية أصبحت مصدراً لقلق جميع المصريين، بعد ظهور حالات إصابة بالطاعون شرق ليبيا، وتحديداً فى منطقة قريبة للحدود المصرية، موضحين أن نقطة التواصل بين مصر وليبيا لا تقتصر على السلوم فحسب، وإنما يربط البلدين شريط حدودى يبلغ طوله ١٠٤٩ كيلو متراً، تعد معبراً متواصلاً لأبناء القبائل والفئران الجبلية، التى تعتبر الأكثر انتشاراً فى المنطقة والأخطر فى نقل المرض.
وقالوا: "هناك مسلكان يمكن من خلالهما دخول الطاعون عبر ليبيا، الأول عبر الطريق الدولي الذي تمر من خلاله حركة البضائع والركاب والحجيج وتحركات "أولاد علي"، بينما الثاني الحركة المحلية من شمال مصر إلى جنوبها من المدن الساحلية إلى الواحات الداخلية، والتى قد تنشرها الحركة الرعوية، مؤكدين أن الدولة "لن تتمكن" من إيقاف كل هذه التحركات، وإنما يمكنها التحكم فى انتشار هذا المرض من خلال إجراءات وقائية.
وقال رئيس قسم الجغرافيا بكلية آداب جامعة القاهرة الدكتور جودة التركماني، إن "السلوم هى المدينة المصرية الوحيدة على الشريط الحدودى من الشمال إلى الجنوب بين مصر وليبيا"، موضحاً أن معظم المساحة الحدودية بين مصر وليبيا هى بحر الرمال العظيم وهو عبارة عن صحراء جرداء شديدة القحولة.
وأوضح التركمانى أن المساحة الأخرى التى تحوى مراكز عمرانية على الشريط الحدودى، هى مراكز عمرانية للتجمعات البدوية لقبائل أولاد على، الموزعين بين مصر وليبيا، وهى منطقة استقرار لها ترعى فيها أغنامها، مشيراً إلى أنه "لا توجد أسلاك شائكة تفصل الحدود المصرية عن الليبية فى هذه المنطقة، وأن الحركة مفتوحة فى هذه المنطقة".
وقال "أقرب مدينة ذات شأن إلى الشريط الحدودى هى مدينة مطروح، بينما باقى المساحات لبحر الرمال العظيم، الذى لا يحوى سوى واحتين، هما واحة جبجوب التابعة إلى ليبيا إدارياً، وفى مقابلها واحة السلوم فى مصر"، موضحاً أن الواحتين بعيدتين عن الحركة المباشرة للسفر.
وأكد رئيس قسم الجغرافيا بجامعة المنوفية الدكتور فتحى مصيلحى، أن قبائل أولاد على تمتد فى شرق ليبيا كله بداية من طبرق ـ المنطقة التى ظهر فيها الوباء ـ إلى بنى غازى، كما تمتد فى غرب مصر بدءً بمدينة السلوم، مروراً بسيدى برانى والنجيلة ومطروح ورأس الحكمة والضبعة وفوكة وسيدى عبدالرحمن والعلمين والحمّام وبرج العرب إلى العمرانية .
وقال «إن عمق امتداد قبائل أولاد على يمتد نحو ١٠٠ كيلو متر من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الداخل فى اتجاه محافظة الوادى الجديد».
وعن تحركات أبناء القبيلة قال مصيلحى "إن تحركهم يمتد فى مساحة كبيرة جداً، لأن قبائل "أولاد علي" في الأصل تعتمد على الرعى، وأبناءها يتحركون مع الدورة الرعوية التى تعتمد على تساقط الأمطار"، موضحاً أنه فى الربع قرن الأخير مع إنشاء مدن وقرى سياحية فى منطقة الساحل الشمالى، بدأ أبناء القبيلة فى الاستقرار والعمل فى الحراسة والبناء وتجارة الأراضى فى هذه القرى، لكنهم لا يريدون الاستغناء عن الرعى.
وقال إن "الحركة الرعوية لا تعبر الحدود، ولكن أهل القبيلة يعبرونها فى المواسم والأعياد، لأن لهم أقارب ونسبًا بين البلدين"، مشيراً إلى أن موسم الحج اقترب والقوافل البرية تمشى على الطريق البرى عبوراً بمصر ووصولاً إلى السعودية.
وعن مسالك انتشار المرض قال الدكتور فتحى مصيلحى، رئيس قسم الجغرافيا بجامعة المنوفية «إن المسلك الأول والرئيسى، مسلك غربى شرقى، من ليبيا إلى مصر، عبر الطريق الدولى الذى تمر من خلاله حركة البضائع والركاب والحجيج وتحركات (أولاد على)».
أما المسلك الثانى فهو يعتمد ـ حسب مصيلحى ـ على الحركة المحلية من شمال مصر إلى جنوبها من المدن الساحلية إلى الواحات الداخلية، والتى قد تنشرها الحركة الرعوية، مشيراً إلى أن أهم تجمع داخلى هو سيوة، والتى تبعد حوالى ١٠٠ كيلو مترا عن الحدود المصرية ـ الليبية، وقرية صغيرة قريبة منها اسمها قرية أم صغير.
وأكد مصيلحى أن الدولة لن تتمكن من إيقاف كل هذه التحركات، وإنما يمكنها التحكم فى انتشار هذا المرض من خلال إجراءات وقائية، عن طريق إنشاء محاجر صحية على طول الخط الساحلى، بحيث إذا اكتشفت حالة توضع فى الحجر الصحى، محل اكتشافها، بدلاً من نقلها.
وقال "يجب تكثيف الخدمة الصحية الموجهة إلى مطروح وتوفير الأمصال الواقية من الطاعون فى المنطقة".
وأكد الدكتور سامى البساطى، رئيس الجمعية المصرية لعلم الحيوان، أن الثلاثة حيوانات التى يمكنها نشر الطاعون من ليبيا إلى مصر هى الفأر والأرنب الجبلى والقطط، موضحاً أن القطط قليلة جداً فى هذه المنطقة وأن الفئران الجبلية هى الأكثر انتشاراً.
وقال البساطي "الفئران الجبلية متواجدة بكثرة فى المنطقة الحدودية بين مصر وليبيا، وهى كثيرة التوالد وكبيرة الحجم، حيث يبلغ متوسط حجمها نصف كيلو مترا، لافتاً إلى أنها تتغذى على الحبوب والحشائش".
وطالب البساطى الدولة بالقيام بحملة قومية مكثفة لقطع حلقة الاتصال بين مصر وليبيا، عن طريق نشر سم الفئران فى أماكن مختلفة للقضاء على أكبر عدد ممكن، بالإضافة إلى استخدام وسائل رش لقتل البرغوث الوسيط بين الفأر والإنسان داخل المنازل.
وشدد على أهمية توعية الناس فى المناطق الحدودية والمدن القريبة بالاهتمام الشديد بالنظافة المنزلية.