النبى الأمى وماذا تعنى الأمية؟

الأميون

(1) معنى الأميين :

الأمى من الناس هو من لم ينزل عليه كتاب من الله من قبل القرآن .. أى أنه المنفصل عن نزول كتاب سماوى عليه من الله من قبل القرآن .. مقارنة بأهل الكتاب السابق من اليهود والنصارى الذين تنزلت عليهم التوراة والإنجيل .. وبالتالى فقد نزل وإنفصل لهم كتاب من الله من قبل القرآن .

ولا يعنى الأمى أنه لا يعلم كيف يكتب أو يقرأ .. فالأمى هو الذى لا يعلم .. ولكن لا يعلم تعنى أنه لم ينفصل له علم من الله من قبل .. ولا تعنى أنه لا يعلم كيف يقرأ أو يكتب كما يظن كثير من أهل السنة .

وعندما نزل القرآن على النبى محمد الأمى فقد كان الأميون يسكنون فى قريتين بالأرض المباركة .. يقول الله :

( وقالوا لولا نزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم ) .

فالكفار من الأميين ودوا وفضلوا لو كان هذا القرآن قد نزل على رجل عظيم منهم يسكن إحدى قريتيهم بدلاً من رسول الله محمد .

وقد هاجر المؤمنون الأميون إلى المدينة بعد أن أخرجهم المشركون من ديارهم وقاتلوهم .. بينما بقى المشركون من الأميين بمكة حتى فتح الله لنبيه فتحاً مبيناً .

(2) دعاء إبراهيم :

يقول الله :

( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم ) .

عندما رفع النبى إبراهيم وإبنه إسماعيل القواعد من بيت الله الحرام الذى بناه فى واد غير ذى زرع بالأرض المباركة فقد دعا ربه أن يبعث فى أهل هذا البلد الذين ينفصلون لهذا المكان ويسكنون فيه رسولاً من أنفسهم .. ليفعل ما يلى :

1- يتلوا ويقرأ عليهم آيات الله ونعمه عليهم .

2- يعلمهم الكتاب .. أى يفصل لهم ما فصل الله من قول ووعد للناس .

3- يعلمهم الحكمة .. أى ما أنزل الله من أحكام فاصلة تـفصل بين الناس .

4- يزكيهم .. أى يجعلهم يفصلون لله العمل الصالح .

وأن الله هو العزيز الغالب المفضل عمن سواه .. وهو الحكيم الذى يحكم ويفصل بين الناس .

ومعنى أن الرسول يعلمهم أى يفصل لهم العلم المنزل من الله .

ولقد أسكن النبى من ذريته عند بيته الحرام .. حيث أسكن ولده إسماعيل الذى بنى معه البيت .. فى حين أن الملائكة قد بشروا النبى إبراهيم ووعدوه بولده إسحق وهو فى قريته ذات الزرع فى الأرض المباركة .. ومن إسحق كان يعقوب أو إسرائيل الذى أنزل الله على أبنائه كتبه .. ونزل عليهم التوراة والإنجيل .. بينما بقى أهل الوادى غير ذى الزرع الذى أصبح بكة أو مكة عند نزول القرآن بقوا من الأميين الذين لم ينزل عليهم كتاب من الله إلى أن أنزل الله القرآن على النبى محمد .. وهو أحد المؤمنين الأميين الساكنين بمكة عند بيت الله الحرام .

(3) النبى الأمى :

عندما كفر أكثر الأميين بمكة البلد الحرام أرسل الله إليهم رسولاً منهم .. هو الرسول محمد النبى الأمى .. يقول الله :

( وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وانك لتهدى الى صراط مستقيم ) .

يبين الله لرسوله ما يلى :

(1) أنه أوحى وفصل له روحاً أو قولاً مفصولاً منه .

(2) أنه لم يكن يعرف قبل هذا الوحى أمرين :

1- لم يكن يعرف ما هو الكتاب .. لأن الله لم ينزل على الأميين كتاب من قبل .. فهو لا يعرف ماذا قال الله وبم حكم بين الناس وبما أنذر الناس وبشرهم .

2- لم يكن يعرف ما هو الإيمان .. لأن الإيمان هو تصديق القول والوعد .. فإذا لم يكن قول الله وعلمه معلوماً للنبى فإنه لن يعرف الإيمان بقول الله ووعده .

(3) أن هذا الكتاب الذى أنزله الله عليه جعله الله نوراً يهدى به الله من يشاء ويفضل من عباده إلى طريق الله المستقيم المؤدى للجنة .. وأنه كرسول أنزل عليه هذا الكتاب يهدى ويفصل الناس إلى طريق الله المستقيم المؤدى للجنة .

كما قال الله لرسوله محمد :

( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون ) .

يبين الله لرسوله ما يلى :

1- أنه لم يكن يتلو ويقول للناس قبل نزول القرآن أى كتاب .

2- أنه لم يكن يخط ويكتب بيمينه أو يده قبل نزول القرآن أى كتاب .

ولو أنه كان يتلو قبل القرآن كتاب أو يكتب قبل نزول القرآن كتاب لكان من حق المبطلون أو أصحاب الباطل المنفصلون عن دين الله أن يرتابوا أو ينفصلوا عن تصديق القرآن .. ويكون من حقهم أيضاً أن يزعموا أن هذا القرآن هو قول البشر وقول النبى الخاص .. وبالتالى يكون لهم الحق فى عدم الإيمان به أو عدم تصديقه أو طاعة أحكامه .

وهذا يعنى أن النبى بعد نزول القرآن كان يفعل ما يلى :

1- كان يتلو ويقول للناس آيات القرآن .. كما فى قول الله :

( هو الذى بعث فى الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم اياته ) .

2- كان يخط ويكتب القرآن بيده أو بيمينه .. كما فى قول الله :

( الذى علم بالقلم ) .

فالله علم الرسول وفصل له العلم ليكتبه ويفصله بالقلم .. وذلك ينفى ما زعمه أهل السنة أن النبى كان يجهل الكتابة والقراءة تماماً .. وأن أميته تعنى جهله بالكتابة .. وأن صحابة الرسول هم الذين كتبوا القرآن .. وبالتالى يحق لهم أن يأخذوا عنهم السنة كما أخذوا عنهم القرآن .. ولكن هذا زعم كاذب لا برهان له فى كتاب الله .

إن الله عندما ينزل رسالته أو كتابه على رسول من رسله فإن هذا الرسول يقوم بكتابه هذه الرسالة بنفسه كما فعل رسول الله محمد .. وكما فعل رسول الله موسى الذى كتب التوراة فى الألواح .. يقول الله :

( وكتبنا له فى الالواح من كل شى موعظة وتفصيلا لكل شى ) .

فالله يبين أنه كتب لنبيه موسى فى الألواح موعظة أو أمر وحكم مفصول من كل شئ .. وكذلك تفصيل وبيان وتوضيح لكل شئ .

والله لم يذكر فى كتابه أنه أوحى للرسول علم آخر غير مكتوب هو السنة .. كما أنه لا صحة لما نسبه أهل السنة لرسول الله من أنه قال إنى أوتيت القرآن ومثله معه .. فلو آتاه الله مثل القرآن لكتبه كما كتب القرآن .. ولكن السنة مجرد أحاديث زور منسوبة لرسول الله بعد زمن طويل من نزول القرآن وعبر سلسلة زمنية من الرواة المفترون على الله كذباً .

(4) إنذار الأميين :

يقول الله :

( يس والقران الحكيم انك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما انذر اباوهم فهم غافلون لقد حق القول على اكثرهم فهم لا يومنون )

يقسم الله بالقرآن الحكيم الذى يفصل بين الناس .. وهو الكتاب المنزل من الله العزيز الرحيم .. ليخبر رسوله أنه مرسل من الله على الدين والطريق المستقيم الحق المؤدى للجنة .. لينذر قوماً أميين لم يبعث الله فى آبائهم رسولاً .. فغفلوا وإنفصلوا عن دين الله .. وأن كلمة ووعد العذاب من الله للكفار قد حقت على أكثرهم .. وهم الكفار من الأميين الذين كذبوا النبى .

ويقول الله :

( ام يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما اتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ) .

يبين الله أن القرآن ليس حديثاً مفترى تقوله الرسول بغير علم منزل من الله .. بل هو الحق المنزل المفصول من الله .. أنزله الله على رسوله لينذر ويفصل القول لقوم أميين .. لم يأتهم نذير أو نبى قبل النبى محمد بكتاب أو رسالة من عند الله .. ذلك ليهتدوا وينفصلوا لطريق الله المستقيم المؤدى للجنة .

ويقول الله :

( ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما اتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ) .

يبين الله أن كتابه رحمة منه للمؤمنين .. أنزله الله على رسوله لينذر ويفصل القول لقوم أميين .. لم يأتهم نذير أو نبى قبل النبى محمد بكتاب أو رسالة من عند الله .. ذلك ليذكروا ويهتدوا وينفصلوا لطريق الله المستقيم المؤدى للجنة .

(5) التلاوة والتزكية والتعليم :

يقول الله :

( لقد من الله على المومنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتـلوا عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفى ضلال مبين ) .

يبين الله أن الله قد من وأنعم على المؤمنين الأميين الذين لم ينزل عليهم كتاباً من قبل القرآن .. مقارنة بأهل الكتاب من اليهود والنصارى .. أنعم عليهم أن بعث وفصل فيهم رسولاً .. من أنفسهم .. ليس أعجمياً .. بل عربى مثلهم .. ومن نفس بلادهم .. ويعيش بينهم .. بعثه الله وفصله فيهم ليفعل ما يلى :

1- يتـلوا ويقرأ عليهم آيات الله ونعمه عليهم .

2- يزكيهم .. أى يجعلهم يفصلون لله العمل الصالح .

3- يعلمهم الكتاب .. أى يفصل لهم ما فصل الله من قول ووعد للناس .

4- يعلمهم الحكمة .. أى ما أنزل الله من أحكام فاصلة تـفصل بين الناس .

يفعل الرسول ذلك بعد أن كانوا فى ضلال مبين واضح .. أى فى إنفصال مبين عن دين الله وعن العلم بأمر وحكم الله .. وقد بين الله أن الرسول نفسه كان ضالاً ومنفصلاً عن دين الله فهداه الله لطريق المستقيم .. لأنه من الأميين الذين لم ينزل عليهم كتاباً سماوياً من قبل القرآن .. يقول الله :

( ووجدك ضالا فهدى ) .

ويقول الله :

( هو الذى بعث فى الاميين رسولا منهم يتـلوا عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفى ضلال مبين ) .

يبين الله أنه بعث وفصل فى الأميين بمكة رسولاً من أنفسهم .. ليفعل ما يلى :

1- يتـلوا ويقرأ عليهم آيات الله ونعمه عليهم .

2- يزكيهم .. أى يجعلهم يفصلون لله العمل الصالح .

3- يعلمهم الكتاب .. أى يفصل لهم ما فصل الله من قول ووعد للناس .

4- يعلمهم الحكمة .. أى ما أنزل الله من أحكام فاصلة تـفصل بين الناس .

يفعل الرسول ذلك بعد أن كانوا فى ضلال مبين واضح .. أى فى إنفصال مبين عن دين الله وعن العلم بأمر وحكم الله .

ويقول الله :

( كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) .

يبين الله للمؤمنين الأميين أنه أرسل وبعث وفصل فيهم رسولاً من أنفسهم .. ليفعل ما يلى :

1- يتـلوا ويقرأ عليهم آيات الله ونعمه عليهم .

2- يزكيهم .. أى يجعلهم يفصلون لله العمل الصالح .

3- يعلمهم الكتاب .. أى يفصل لهم ما فصل الله من قول ووعد للناس .

4- يعلمهم الحكمة .. أى ما أنزل الله من أحكام فاصلة تـفصل بين الناس .

5- يعلمهم ويفصل لهم ما لم يعلموه من الله من قبل .


... والله أعلى وأعلم ...

بارك الله فيكم

وجزاكم الله عنا كل خير